خاص 24FM- زاوية حوض نعنع، يكتبها نادر صالحة
في العُرف والمنطق والبديهة، "الأُميّة" مقامُ انتقاص مَعيب، و"النبوة" مقامُ كَمالٍ مهيب.
ومما يثير الحفيظةَ في الصواب الذي عليه الجماهير من السلف؛ يقينُهم بأميّة مُحمّد النبي (ص) بمعنى أنه جاهلُ للقراءة والكتابة. تم تذويت ذلك في الثقافة الإسلامية العامة، وتحويله إلى وِرد دائم، وذكرِ لازم في مَطالع وديبجات الخُطب المنبرية ومُقدمات الكتيّبات والكتب جيلاً بعدَ جيل. الكَمالُ يَتجلَّى بالكَمال. فكيف تكون مرآة التجلّي الإلهي، المطلق، العالم بكل شيء مرآةً أميّة!
لتصبح ”إقرأ“ شعار أُمّة نبيّ لا يقرأ!
حرصت المؤسسة الدينية ومن ثم التعليمية وعلى مدار قرون تعليمنا في درسنا الأول "لحصة الدين الأولى" أن آخر أنبياء السماء أميٌّ، يجهلُ القراءة والكتابة وهذا إعجازٌ لا عَجز. وأن امتناعه عن القراءة حسب الرواية الشهيرة "إقرأ.. ما أنا بقارئ“ امتناعٌ لامتناع؛ إمتنع عن القراءة لامتناعِ معرفته بها. قال بذلك جَهابِذةُ العلماء وأسَاطينُ اللغة. الذين يقولون أيضاً بحديث نبوي مُريب: "إنا أمة أميّة لا نكتُبُ ولا نَحسُب“. و يَرُدّ البعضُ التسمية إلى ”أم القرى“ ، والبعض إلى الأم (لا يعرف شيئاً كما جاء من بطن أمه). وكنتُ سمعتُ الشيخ الشعرواوي يُعلي من شأن أمية النبي وجهل أُمته بمُحاججة غرائبية، يقول لك: لئلا يُقال عن نهضة الإسلام بأنها ”قفزة حضارية“! هذه أمة بدو وشاة، وأميتها وجهلها مصدر شرف لها.
ثم كيفَ يطلب الوحيُ القراءة ممن لا يقرأ! لماذا لم يبدأ بـ "قلُ" ليعيد قولَ ما يسمع، كمطالع الخَمس القلاقل؟ كما أن هناك العديد من الشواهد المروية التي تقول بتدخل محمد لتصحيح نصوص مكتوبة خلال كتابتها أو بعد عرضها عليه وفي أكثر من مناسبة. ألا يدعو هذا لاتهامه بعداً بأنه كان يتظاهرُ بالأمية!
رُتِقَ هذا الفتقُ بـ"السحر" الذي يرتق كثيراً من الأشياء؛ المعجزة. لقد جاء محمدٌ بنصٍ بليغ مُحكم -مثمرٌ أعلاه مُغدق أسفله، وإنه ليَعلو ولا يُعلى، ويَحطِم ما تحته- دون تدخل منه. وكذلك دون أن يطلع على كُتب الأولين، وكل هذا من براهين صدق النبوة. غير أن هذين التبريرين يقدحان وينتقصان مرة أخرى من علم ووعي وقوة ذهن محمد النبي. فضمان تحييد عدم تدخله لم يكن بالثقة بعبقرية محمد وأمانته العلمية، بل بتجريده من أدوات المعرفة لمنع تدخله في القراءة والكتابة، وهذا طعنٌ بعد طعن. فعدم اطلاعه على كتب الأولين تعني بأنه جاهل بها، وغير عارف بالسياق الرسالي الإلهي. وهذا مراكمة للجهل المعرفي فوق أمية القراءة والكتابة! ومع ذلك، قريشٌ والأعراب بقوا على كفرهم ورأيهم بعد مائة سورة وسورة، وبعد مائة حرب وحرب.
مجموعة كبيرة من المؤرخين والرواة والباحثين منهم (ابن عباس، القرطبي، ابن هشام، جواد علي، زكريا محمد، عابد الجابري) ذكروا بأن العرب قبل الإسلام كانوا مقسمين إلى مجموعات: كهنوتية وثنية، صابئة، وأحناف. الأميين كانو فرقة من الأحناف الابراهيمية. “هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم“. وكان الرسول معتنقاً للأمية الحنفية بعد أن ترك ديانة قومه. والأميّ، نسبة إلى إبراهيم الذي كان (أُمّة)، بمعنى نبيٌ مؤسس. ويمكن القول بأن ”الأميين“ كان الاسم الأول ”للمسلمين“ قبل شيوع اسم ”المسلمين“.
التاريخ وتفسير التاريخ مليء بأمثلة لَيّ أعناق الحقائق، وتدوير الزوايا، وملأ الفراغات بما تيسر من تفسير وتأويل إعجازي لإكمال دوائر منطق المحاججة الترقيعية. القول بأمية ”مدينة العلم“ و“العقل الأول“ وحاضنة النص الرباني قدحٌ في مقام الأستاذ الأعظم. وهو كالقول بتسطيح الأرض مقابل كرويتها.
خاص ب 24fm، زاوية حوض نعنع، يكتبها د. نادر صالحة
الصحة: 10 وفيات و497 إصابة جديدة بكورونا و1090 حالة تعافٍ
قوات الاحتلال تهدم قرية العراقيب للمرة الـ182
أن تحرم حقك ببطاقة الهوية، كمصادرة حياتك بكل تفاصيلها
الاحصاء: انخفاض الرقم القياسي لأسعار الجملة خلال العام الماضي
تعليق الدوام بمديرية التربية والتعليم في قلقيلية بسبب كورونا
أكثر 10 دول مشاهدة للأفلام الإباحية ثانيها دولة عربية
بيان صادر عن وزارة الداخلية حول تصريحات الدكتور ناصر اللحام باحتجاز جواز سفره ومنعه من السفر
قرار المحكمة كاملاً: صرف راتب شهر عن كلّ سنة لكافة العاملين
"حطّم قدميها بمهدّة"... نداء استغاثة لحماية سيدة من عنف أسريّ
أبرز الأزهار التي تزين فلسطين في فصل الربيع