بقلم حنان الرمحي
24FM- يسود العالم حالة من الاكتئاب أثر جائحة كورونا، تعود إلى حد كبير لتغيرات سريعة وقاهرة في الوضع الاقتصادي والاجتماعي. ردة فعل كهذه متوقعة ولكنها نتاج نظرة آنية ومحدودة لحقيقة دور هذا الحدث المهيب والاستثنائي وأثره علينا كأفراد ومجتمعات. فما يجري اليوم هو بمثابة زلزال عالمي سيؤدي برأيي إلى تحولات في الوعي الذاتي الإنساني. ولذا، إن أردنا تجاوز هذه الأزمة بصحة نفسية سليمة، فعلينا قراءة الحدث من منظور تاريخي وشمولي في ما يتعلق بمراحل نمو وتطور الوعي الذاتي للإنسان كي ندير الصراع لما يصب في مصلحتنا الشخصية والاجتماعية.
يشير التاريخ البشري والديني إلى أحداث أدت إلى تطور الإنسان والمجتمعات على أصعدة عدة كقصة الطوفان أو سفينة النبي نوح وغيرها. لاحقاً، أدت الثورة الزراعية إلى الوفرة في الموارد مما نتج عنه تزايد بشري وبداية للإبداع الإنساني أدت إلى حروب من أجل حماية الثروات. ومن ثم جاءت الثورة الصناعية فازداد الإنتاج مما أنشأ الفجوة الطبقية وفاقم الفقر، وأدى إلى اعتماد أنظمة تعليمية عامة. ولّدت هذه الثورات التقنية أنظمة سياسية لحماية المصالح. مؤخراً منذ الثمانينيات ونحن نعيش الثورة الرقمية والتي تتميز بالتسارع غير المسبوق تاريخياً، وتغيّر نوعي في طرق التواصل. نتج عن هذه الثورة تحول في تعاطينا مع بُعْدَي الزمان والمكان، وازدادت نسب الاضطرابات النفسية في العالم لأسباب مركبة تعود جزئياً إلى تسارع التغيرات والكم الهائل المتوفر من المعلومات، أدت كل هذه الأحداث إلى نمو وتطور في الوعي الذاتي الإنساني ليواكب المتطلبات الفكرية والمادية. هنا أوضح الفرق بين الوعي الذاتي للإنسان والوعي البشري (استخدم هنا مصطلحي البشري والإنساني كمرادفين) فالوعي البشري يتضمن معرفة ما يجري في العالم على كافة الأصعدة البيئية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية إلخ. أما الوعي الذاتي للإنسان فيكمن في إدراكه وفهمه لدوره في محيطه وبالتالي قدرته على التأثير على ما يلوج بداخله ويدور من حوله. أركز في مقالي هذا على الوعي الذاتي للإنسان، خاصة فيما يتعلق بالحالة النفسية الراهنة للكثير من الناس.
جاءت جائحة كورونا في ظل الثورة الرقمية لتُسارع اكثر فاكثر في تغيير منظومات عالمية حيوية كالتعليم والتنقل. على الصعيد الشخصي، أثّر الحجر المنزلي والقيود الناتجة عن التباعد الاجتماعي على عادات اجتماعية كانت جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية. إن قدرتنا على استيعاب وتقبل التغيرات السريعة والمتتالية، وعزلتنا عن بعضنا البعض، فرضت علينا المكوث مع أنفسنا لفترات طويلة والتفكر فيما يجري. أدى هذا الحال المفاجئ والمتزامن مع الضغوط النفسية المتراكمة الناتجة عن الثورة الرقمية الي ما أسميه الشعور بالانفجار الذاتي، بالتحديد ظهرت هشاشة ذواتنا التي لم تتحمل العزلة، بل انهارت هذه الذات تماما عند البعض أمام التعاطي مع هذه التغيرات المفاجئة. برأي هذه واحدة من الأسباب الرئيسية التي أوصلت الكثير منا للشعور بالاختناق والوحدة والاغتراب والإحباط. لكن هنا تكمن أهمية الأمر: هذه المعاناة النفسية ليس بضعف إنما هي ضرورة ملحة وتجربة هامة جداً لأنها بمثابة مخاض وإرهاصات ولادة جديدة لوعينا الذاتي من أجل الارتقاء إلى مستوى يتلائم مع واقع عالمي جديد. باختصار هي عملية تحول الإنسان لمستوى جديد من الوعي الذاتي.
لا يوجد لقاح لهذه الحالة النفسية فهي ناتجة عن تجربة كل شخص كتنشئته وماضيه وبيئته. فعلى كل منا مواجهة واقع حاله بمفرده ولا يضيع وقته بالهروب أو انتظار عودة ما كنا عليه قبل الجائحة لأنها ستفاقم من حدة آثارها السلبية. علينا أن نخوضها فرادا بكل حذافيرها ونغوص فيها أكثر فأكثر إذا أردنا تحسين وعيِنا الذاتي لأنها مرآة لما يجول في داخلنا من أفكار ومفاهيم لم تعد ملائمة أو منسجمة مع التطورات العالمية. أخص هنا عملية التحول وليس التغيير لكونها أعمق من عملية مادية وتتعلق بالكينونة أو النواة أو الروح أو النفس البشرية (اختر ما شئت من توصيف). هذه معركة ثقيلة وشاقة وكفيلة أن ترفع من هو مستعد لخوضها درجات غير مسبوقة في الوعي الذاتي وتدلي إلى الأسفل من يدفن رأسه في الرمال. صعوبتها تكمن في الحاجة لتحديد دور الإنسان في هذه الحياة وهذا بامتياز سؤال فلسفي/ديني/روحاني. إن الإجابة على سؤال محوري كهذا تعد وقودا يوفر الدافعية للحياة. قدرة الإنسان على إجابة هذا السؤال وتفعيله ستعتمد على خلفيته الفكرية ومستوى نضوج وتطور وعيه الذاتي. توفر المعتقدات والأديان طرق وأدوات لمواجهة هذا التحدي شريطة أن تكون هذه المرجعيات هي أيضا قد خضعت أو تخضع لتحول يتلاءم مع تطورات العصر. خوض هذا الصراع لا يعني الاعتزال عن الناس بل يجب أن يقام بالتزامن مع معاركنا اليومية على كل الأصعدة كالصعيد العاطفي والعائلي والاقتصادي لكي نطَبّق تحول وعينا الذاتي على أرض الواقع. هذا العمل سينهض بمستوى وعينا مما سيتيح لنا الفرصة لكي نعيد صياغة علاقتنا مع ذاتنا ومن ثم مع محيطنا لأن القوة الذاتية باتت الحصن أمام ما ينتظرنا من تغيرات أكبر وأخطر قادمة لا محال.
خاص ب 24fm، زاوية حوض نعنع، يكتبها د. نادر صالحة
الرجوب: اجتماع للجنة المركزية لحركة فتح الأحد المقبل برئاسة الرئيس
الرئيس يهنئ بايدن بتنصيبه رئيسا للولايات المتحدة
جبهة بوليساريو تبدي استعدادها لاستئناف المفاوضات الأممية مع تمسكها بالكفاح المسلح
الصحة الأردنية: 17 وفاة و978 إصابة جديدة بفيروس كورونا
شؤون الأسرى ونادي الأسير ينعيان الأسير ماهر سعسع من قلقيلية
أكثر 10 دول مشاهدة للأفلام الإباحية ثانيها دولة عربية
بيان صادر عن وزارة الداخلية حول تصريحات الدكتور ناصر اللحام باحتجاز جواز سفره ومنعه من السفر
قرار المحكمة كاملاً: صرف راتب شهر عن كلّ سنة لكافة العاملين
"حطّم قدميها بمهدّة"... نداء استغاثة لحماية سيدة من عنف أسريّ
أبرز الأزهار التي تزين فلسطين في فصل الربيع